ليبيا: خالد المشري رئيساً للمجلس الأعلى للدولة للمرة الخامسة.. الدلالات والنتائج

ليبيا: خالد المشري رئيساً للمجلس الأعلى للدولة للمرة الخامسة.. الدلالات والنتائج


14/08/2022

تنص اللائحة الداخلية المنظمة لأعمال ما يُسمّى بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا على "انتخاب مكتب رئاسة كل عام، يتكوّن من رئيس، ونائب أول يمثل الجنوب، ونائب ثانٍ يمثل الشرق، ويكون الرئيس ومقرّر المجلس من الغرب".

ومؤخراً جرت انتخابات المجلس الذي تأسس في العام 2015، التي أسفرت عن فوز خالد المشري، للمرة الخامسة على التوالي برئاسة المجلس، وهو المعروف بارتباطه بجماعة الإخوان، وذراعها السياسي المتمثل في حزب العدالة والبناء.

 فوز صعب من الجولة الثانية

جاء انتخاب خالد المشري، بعد أن فاز بتأييد (65) صوتاً، في مقابل (50) صوتاً لمنافسه العجيلي بو سديل، وذلك من بين (4) مرشحين، ويتزامن ذلك مع حالة من الانقسام الداخلي، ورفض عدد من الأعضاء لسياسات المشري، ممّا دفعهم إلى مقاطعة الجلسات الأخيرة، لكنّ الدعم الذي تلقاه الأخير من حزب العدالة والبناء، أسهم في تدعيم فرص فوزه.

وقال المشري بعد انتخابه: "سنسعى بكل قوة لإنجاز الانتخابات والقاعدة الدستورية في أسرع وقت ممكن، نتمنى أن نذهب إلى انتخابات، وتكون هذه الدورة آخر الدورات".

الناشط السياسي البرقاوي محمود الكزة خصّ "حفريات" بتصريحات، لفت فيها إلى أنّ المشري احتاج هذه المرة أن يخوض جولة إعادة أمام منافسه العجيلي بو سديل، ممّا يعكس الصعوبات التي واجهته للفوز بمقعد الرئيس للمرة الخامسة، وذلك بمجموع (65) صوتاً، من أصل (118)، وتحصل السيد العجيلي بوسديل على (50) صوتاً، بالإضافة إلى (3) أصوات باطلة.

قال المشري بعد انتخابه: سنسعى بكل قوة لإنجاز الانتخابات والقاعدة الدستورية في أسرع وقت ممكن، نتمنى أن نذهب إلى انتخابات، وتكون هذه الدورة آخر الدورات

أعضاء المجلس الأعلى للدولة، بحسب المصدر، انتخبوا أيضاً السيد ناجي مختار، نائباً أول لرئيس المجلس، خلال الجولة الأولى من التصويت بمجموع (60) صوتاً، وانتُخب السيد عمر بوشاح نائباً ثانياً خلال الجولة الثانية من التصويت، بمجموع (66) صوتاً، وانتخب السيد بلقاسم دبرز مقرراً للمجلس.

وكشف الكزة عن قيام إحدى القنوات الليبية الخاصّة، وهي قناة "ليبيا الأحرار" التي تبث من تركيا، بإعلان فوز خالد المشري قبل الانتهاء من فرز الأصوات، الأمر الذي يطرح عدة علامات استفهام، ربما تكشف عنها الأيام القادمة.

وبحسب الكزة، فإنّ الكتلة الإخوانية الموجودة داخل المجلس تباشر نوعاً من تداول السلطة فيما بينها، وكان اختيار القيادي الإخواني هو الوسيلة؛ بهدف الحفاظ على مكاسبهم السياسية والمادية في ظل وجوده.

 

محمود الكزة: ما يُعرف بالمجلس الأعلى هو في حقيقته أحد الأجسام السياسية التابعة للباب العالي في أنقرة، فهو يؤدي دور العرّاب للوجود التركي في الغرب الليبي، ويسعى لإقصاء المنافسين عن الانتخابات الرئاسية

 

وخالد المشري أحد أبرز أعضاء الإخوان المسلمين، وكان قد افتخر بانتمائه لهذه الجماعة في مقابلة مع قناة "فرنسا 24"، وهو الشخص الوحيد، بحسب السياسي البرقاوي، الذي تفنن في المماطلة باسم المصالحة، وهو الذي رفع لافتة "وشاورهم في الأمر"، أثناء لقائه برئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب، وهو الملتزم جداً بإجراء انتخابات المجلس الأعلى للدولة، وأكبر معرقلي الانتخابات الرئاسية، وأكثر الطامعين في منصب الرئيس.

ويرى الكزة أنّ ما يُعرف بالمجلس الأعلى، هو في حقيقته أحد الأجسام السياسية التابعة للباب العالي في أنقرة، فهو يؤدي دور العرّاب للوجود التركي في الغرب الليبي، ويسعى لإقصاء المنافسين عن الانتخابات الرئاسية، وهو الذي أعاق إجراء الانتخابات في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ويسعى نحو تثبيت حكومة الدبيبة، لضمان مصلحته ومصلحة الإخوان في المقام الأول.

تنسيق المواقف بين الإخوان وحكومة الدبيبة

في أعقاب انتخابه، شارك المشري في اجتماع رفيع المستوى في العاصمة طرابلس لبحث آخر المستجدات في البلاد، وضمّ الاجتماع رئيس مجلس الرئاسة محمد المنفي، وعضوين من المجلس هما: عبد الله اللافي وموسى الكوني، ورئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية سليمان الشنطي، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، بالإضافة إلى خالد المشري.

وناقش الاجتماع الذي عقد في قصر ولي العهد بالعاصمة الإجراءات المتخذة في حادثة انفجار صهريج ببلدية بنت بياع، إضافة إلى الملفات الاقتصادية والشؤون العامة للدولة خلال النصف الأول من العام الجاري.

الكزة: خالد المشري أحد أبرز أعضاء الإخوان المسلمين

وناقشوا أيضاً متابعة خطوات الإفصاح والشفافية من قبل مصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية، وسبل تعزيزها.

ويسعى خالد المشري، ومن خلفه جماعة الإخوان، لتثبيت أقدام رجل الجماعة الصديق الكبير، محافظ البنك المركزي، الذي أعلن عبر مصرف ليبيا المركزي أنّ إجمالي الإيرادات العامة خلال الفترة من 1 كانون الثاني (يناير) إلى 31 تموز (يوليو) من العام الجاري، بلغ نحو (77.2) مليار دينار، وبلغ الإنفاق خلال الفترة نفسها نحو (45.1) مليار دينار، حسب البيان الشهري للبنك المركزي للإيرادات والنفقات العامة.

 

تبدو الصفقة التبادلية شديدة الوضوح، فقد قام حزب العدالة والبناء بدعم خالد المشري، وتمكينه من رئاسة المجلس الأعلى، في مقابل أن يدعم الأخير حكومة الدبيبة في مواجهة فتحي باشاغا

 

وعلى الرغم ممّا توحي به الأرقام، من وجود فائض بين المدخلات والمخرجات، لكنّ الأرقام نفسها تؤكد أنّه لولا النفط، لواجهت البلاد أزمة كبيرة، ذلك أنّ الإيرادات المتأتية من مبيعات النفط بلغت (56.1) مليار دينار، ومن عائدات النفط (8.2) مليارات دينار، ومن عائدات رسوم النفط للأعوام السابقة بلغت (11.4)، وبلغت الإيرادات الضريبية (628) مليون دينار، والجمارك (34) مليون دينار، والاتصالات (146) مليون دينار، وسجلت إيرادات بيع المحروقات في السوق المحلية (90) مليون دينار، إضافة إلى (528) مليون دينار إيرادات من مصادر أخرى؛ وبالتالي يبدو الاقتصاد ريعياً بامتياز، ويبدو أنّ الحكومات المتعاقبة، وعلى رأسها حكومة الدبيبة، فشلت في انتهاج نمط إنتاجي يمكنه معالجة الأزمات المتوقعة إذا ما توقف ضخ النفط، أو تراجعت أسعاره في السوق الدولية.

وتبدو الصفقة التبادلية شديدة الوضوح، فقد قام حزب العدالة والبناء بدعم خالد المشري، وتمكينه من رئاسة المجلس الأعلى، في مقابل أن يدعم الأخير حكومة الدبيبة في مواجهة فتحي باشاغا، الأمر الذي ينبئ عن توقف مسار التسوية، وإعادة الضغط من أجل تحقيق ما تسعى إليه الجماعة، من محاصصة دستورية، تعفيها من العقاب، وتمنحها قدراً من كعكة المناصب، في أعقاب المصالحة المرتقبة.

 

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية